مليشيات الحوثي تحول مدارس صنعاء إلى معسكرات تدريب للطلاب حزب الإصلاح يلتقي بعيدروس الزبيدي مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي يتحدث عن نقاط ضعف الحوثيين القابلة للاستغلال وحقيقة قدرتهم على تحديد هوية السفن وتعقبها وضربها سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية عاجل: وزير الدفاع الأمريكي: سنعمل على انتزاع قدرات الحوثيين في اليمن مليشيا الحوثي تحول محافظة إب لقادتها ومشرفيها القادمين من صعدة وعمران
الإهداء: إلى السلطة التي أدى انتصارها في الحرب الأهلية 1994م إلى عنجهية أجهزتها ووزرائها في العاصمة، وغطرسة وفساد أغلب ممثليها في محافظات الجنوب بل وفي لجانها الفاشلة التي تشكلها بين الحين والآخر بدعوى وضع حلول لمشاكل الجنوب! مما أوجد البيئة الملائمة لنشاط ذئاب الانفصال، فتكاثرت وانتشرت إلى كل ركن بالجنوب، وصار عواؤها مسموعاً خارجه.
تنويه: بغض النظر عن نتائج اجتماع لندن (27 يناير الفائت) أكتب مقالاتي هذه لألامس حالة الوحدة اليمنية المضطربة جنوباً.
تعتبر فكرة \"الوحدة اليمنية\" حديثة نسبياً، فعمرها الزمني نحو نصف قرن فقط، فقد ظهرت بجنوب اليمن في أواسط القرن الـ20، وممن نادى بها الجبهة الوطنية المتحدة التي أسسها (1955م) شبان من أصول شمالية (كمحمد عبده نعمان ومحمد سالم علي عبده وغيرهما) ممن انفصلوا عن رابطة أبناء الجنوب لقبول قيادة الرابطة (محمد علي الجفري وشيخان الحبشي) بالمشاركة في انتخابات المجلس التشريعي لعدن (1955م) التي حرم من المشاركة فيها أبناء الجنوب من خارج عدن وأبناء الشمال. كما تبنت فكرة الوحدة اليمنية الحركة النقابية بعدن (بقيادة عبدالله الأصنج) وشكلت قيادة تلك الحركة بعد ذلك حزب الشعب الاشتراكي (1962م) الذي تبنى أيضاً الفكرة. وعندما تأسست أول خلية لحركة القوميين العرب من الطلبة اليمنيين الدارسين بمصر (في 1956م بقيادة فيصل عبداللطيف) وافتتحت فرعها في الجنوب (1959م) تبنت الحركة فكرة الوحدة اليمنية, ثم تأسست الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل (في 1963م بقيادة قحطان محمد الشعبي) وتبنت أيضاً نفس الفكرة وضمنتها كثيراً من أدبياتها ومنها ميثاقها الوطني الصادر عن مؤتمرها الأول (بتعز 1965م) ومما جاء فيه \"إن إعادة وحدة شعبنا العربي في إقليم اليمن شماله وجنوبه سيراً نحو وحدة عربية متحررة مطلب شعبي وضرورة تفرضها متطلبات الثورة\" (وحدد الميثاق شرطين للوحدة تجاهلهما الحزب الاشتراكي! وسأوضح بالمقال القادم2-2).
وفي اتفاقية الاستقلال الوطني الموقعة في جنيف في 29 نوفمبر 1967 من قبل رئيسي وفدي الجبهة القومية (الشعبي) والمملكة المتحدة (شاكلتون) أكدت الجبهة القومية على الهوية اليمنية للجنوب إذ نصت الاتفاقية في بندها الأول على الآتي: \"يحصل الجنوب العربي على الاستقلال في 30 نوفمبر 1967 ويشار إلى هذا اليوم في ما يلي بيوم الاستقلال\". ونص بندها الثاني على الآتي: \"تنشأ في يوم الاستقلال دولة مستقلة ذات سيادة تعرف بجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية وذلك بإرادة رسمية من قبل الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن بصفتها ممثلة لشعب منطقة الجمهورية وتقام حكومة للجمهورية\". ووردت عبارة \"جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية\" في 12 بنداً من أصل 17 بنداً تضمنتها اتفاقية الاستقلال، وهو ما يعني أن وفد الجبهة جعل بريطانيا تعترف ولأول مرة بالهوية اليمنية للجنوب العربي.
في مساء يوم الاستقلال وفي الحفل الجماهيري الكبير الذي أقيم في مدينة الاتحاد (صارت \"مدينة الشعب\" بعدن) بمناسبة الإنجاز الوطني العظيم, ألقى رئيس الجمهورية (الشعبي) بيان إعلان الاستقلال، وأكد فيه على \"الإيمان الصادق بوحدة اليمن الطبيعية شمالاً وجنوباً\".
وفي يوم الاستقلال شكل رئيس الجمهورية أول حكومة وطنية للجنوب وتجسيداً للإيمان بالوحدة اليمنية ضمت الحكومة وزيرين من أبناء الشمال (محمود عشيش من رداع, وعبدالفتاح إسماعيل من الحجرية). وفي العهد الماركسي بالجنوب الذي بدأ في 22 يونيو 1969 استمر تأكيد نظام الحكم على مسألة الوحدة اليمنية، وتكاثر أبناء الشمال في السلطة بعدن، وصار أحدهم وهو عبدالفتاح إسماعيل على رأس السلطة بعدن, صحيح أنه لم يصبح رئيساً للجمهورية فمنذ 22 يونيو 1969 حتى 22 مايو 1990 لم يكن هناك رئيس للجمهورية في الجنوب بل مجلس للرئاسة (ثم هيئة لرئاسة مجلس الشعب الأعلى) حيث يصبح أعضاء المجلس ورئيسه (أو هيئة الرئاسة ورئيسها) يعادلون مجتمعين رئيساً للجمهورية (لذا من الخطأ القول بأن سالم ربيع وعبدالفتاح وعلي ناصر وحيدر العطاس كانوا رؤساء للجمهورية، فالحقيقة هي أنهم كانوا في مناصب لم ترتقي لذلك المنصب)، لكنه –أي عبدالفتاح– صار الرجل الأول في عدن بعد 22 يونيو 1969 بحكم توليه المنصب القيادي الأول في التنظيم السياسي الحاكم, وقام في 1978م بتأسيس الحزب الاشتراكي \"اليمني\" كبديل للجبهة القومية التي انتهت فعلياً في 22 يونيو 1969 بتحولها من الفكر القومي والإسلامي إلى الفكر الشيوعي (في 1975م تحولت تسمية الجبهة القومية إلى التنظيم السياسي الموحد الجبهة القومية بعد أن انضم إليها الماركسيون الحقيقيون –وليس أدعياؤها– وهم اتحاد الشعب الديمقراطي بقيادة عبدالله باذيب، كما انضم إليها البعثيون بقيادة أنيس حسن يحيى بعد أن تخلوا عن الفكر القومي العربي واتخذوا لنفسهم اسم \"حزب الطليعة الشعبية\" ليهرولوا إلى الماركسية ويكون لهم نصيب في كعكة نظام الحكم الجديد الشيوعي بعدن).
وهكذا نجد أن فكرة \"الوحدة اليمنية\" كان أول ظهور لها في الجنوب وذلك في أواسط خمسينيات القرن الـ20، وأخذت تنتشر وتتبناها فصائل وطنية عديدة سياسية وعمالية وتجسدت في يوم الاستقلال بإقامة دولة يمنية الهوية، وضمت أول حكومة وطنية وزيرين من أبناء الشمال، ولاحقاً صار أحد أبناء الشمال على رأس السلطة في الجنوب. فإذا كانت فكرة \"الوحدة اليمنية\" قد ظهرت وتطورت في الجنوب، فماذا عنها في الشمال؟
في الشمال نجد أن أهداف ثورة 26 سبتمبر 1962، سواء تلك الستة (التي صاغها المصريون بعد أشهر من قيام الثورة)، أو تلك التفصيلية التي أعلنت في يوم الثورة, قد خلت من أي ذكر أو إشارة لمسألة الوحدة اليمنية! وخلت أول حكومة سبتمبرية وما تلاها من حكومات من وجود أي وزير من أبناء الجنوب، ولم يعين بها وزير جنوبي إلا بعد نحو 10 أعوام (عبدالله الأصنج ومحمد سالم باسندوة).
بعد انتقالي من القاهرة واستقراري بصنعاء في 1981م، لم يكن هناك وزير جنوبي بحكومة صنعاء فطرحت على بعض الإخوة من كبار المسؤولين ضرورة تعيين وزراء جنوبيين، فحكومة عدن تضم العديد من الوزراء من أبناء الشمال وكذا قيادة التنظيم السياسي الحاكم وهو ما يجعل السلطة بعدن تبدو وحدوية أكثر بكثير من السلطة بصنعاء، وقلت لهم: عينوا وزيراً من الجنوب، ولا تعتقدوا بأنني أقصد أن تعينوني أنا بل عينوا أي جنوبي آخر فالهام هو أن يكون لديكم ولو حتى وزير جنوبي واحد. وللأسف لم يُستجب لمقترحي. وفي أواخر الثمانينات من القرن الفائت أي بعد نحو 15 عاماً من تعيين الأصنج وباسندوة, عُيّن جنوبياً وزيراً ليكون ثالث وآخر جنوبي يعين وزيراً في حكومة الجمهورية العربية اليمنية (هو ناصر العولقي) وأتذكر أنني حينئذ أشدت لدى المسؤولين بصنعاء بهذه الخطوة كونها تعكس روحاً وحدوية، لكنني فوجئت عندما عرفت منهم أنهم لم يعينوه لأسباب سياسية وإنما لأسباب فنية (بحكم كفاءته في مجال الزراعة, بل أن مسؤولا كبيراً فاجأني بقوله: نحن لم نعينه لأنه جنوبياً فهو أصلا ليس جنوبياً! فقلت له \"قده اسمه العولقي فكيف ليس جنوبياً؟\" فقال: وفي الشمال أيضاً لدينا عوالق! فضحكت وقلت له\"لا علم لي بأنه لديكم عوالق, لكن لو إفترضنا أنه لديكم عوالق فإن ناصر العولقي جنوبي ويبدو أنكم تعينون الوزراء بدون ما تعرفوا حتى من أين جاؤوا فتورطتم الآن بتعيين جنوبي بغير قصد!).
ومما لاحظته أن منصب \"وزير شؤون الجنوب المحتل\" بعد 26 سبتمبر 1962 وحتى استقلال الجنوب، لم يشغله جنوبيون مثلما يفترض, فجميع من شغلوه كانوا شماليين!
وأثار انتباهي كمتتبع لمسيرة العمل الوحدوي ومستقبل فكرة الوحدة اليمنية، أن عدن وصنعاء عينتا في 1984م وزيراً للدولة في كل منهما يختص بشؤون الوحدة اليمنية, وفي زيارة لي حينها لمسؤول كبير بصنعاء في منزله (عبدالكريم الإرياني)، قلت له: \"لقد أخطأتم أنتم وعدن بتعيين وزراء للدولة لشؤون الوحدة\", فسألني: لماذا؟ فقلت: \"لأن هذا يعد اعترافاً منكم بأنكم بدأتم الآن فقط تفكرون بجدية في موضوع الوحدة اليمنية\"، فطلب مني أن أوضح أكثر، فقلت: \"أنتم لم يكن لديكم وزير للوحدة منذ اتفاقية الوحدة في 1972م، وكونكم تعينون الآن وزيراً مختصاً بشؤون الوحدة فهذا يعتبر اعترافاً منكم بأن محصلة العمل الوحدوي منذ 1972م هي صفر، لذلك بدأتم الآن فقط وبعد مرور نحو 12 عاماً على اتفاقية الوحدة، تفكرون في موضوع الوحدة، بدليل أنكم الآن فقط عينتم وزيراً للدولة لشؤون الوحدة، أي أنه مضت 12 سنة ولم تفعلوا شيئاً جاداً على طريق الوحدة\". رد الإرياني: \"كلامك سيكون صحيحاً لو لم يكن لدينا منذ 1972م وزير للوحدة، لكنني أظن أنه كان لدينا وزراء للوحدة إلى وقت قريب\"، فقلت: \"أنا متأكد من صحة كلامي، وما هو موجود لديكم هو مستشار للرئيس لشؤون الوحدة وهو حسين الدفعي، لكن لم يكن لديكم وزير للوحدة\"، فقال: \"إذن بيني وبينك كتاب الحبيشي –أي حسين الحبيشي– عن الحكومات اليمنية\"، وقام إلى مكتبته وأخرج كتاب الحبيشي، وأخذ يتصفحه فيما أشعلت أنا لفافة من التبغ وأخذت أنفث دخانها ريثما ينتهي من تصفح الكتاب, وبعد دقائق التفت نحوي وقال مبتسماً: \"كلامك صح يا نجيب\".
وفي لقاء آخر معه –أي الإرياني– أبديت عدم رضاي عن تعيين يحيى العرشي وزيراً للدولة للوحدة, فسألني: \"لماذا؟ فيحيى العرشي شخص مثقف ومحترم\"، فقلت: \"نعم, هو مثقف ومحترم وطيب وابن ناس، وأنا لا أعترض أبداً على شخصه، ولكنني أعترض على أن يكون وزيركم للوحدة شمالياً، فنظيره بعدن هو أيضاً شمالي (محمود عشيش) ولا يصح أن يكون الوزيران بصنعاء وعدن المختصان بشؤون الوحدة اليمنية كلاهما شمالياً، فلا يجوز أن يجلس شمالي مع شمالي ليناقشا الوحدة بين الشمال والجنوب!\" (وبعد عشيش تولى المهمة راشد محمد ثابت وهو أيضاً شمالي، واتهمه حيدر العطاس أكثر من مرة قبل الوحدة ومؤخراً بأنه وهو وزير بعدن –أي راشد– فإنه كان يعمل في نفس الوقت لحساب صنعاء!).
والحقيقة هي أن صنعاء ومنذ 26 سبتمبر 1962 كانت غالباً لا تعبر عن إيمان حقيقي بالوحدة اليمنية، بل إنها في أكثر من مناسبة عبرت عن توجهها لضم الجنوب، ومن ذلك تشكيلها مجلساً وطنياً في العام 1969م خصصت فيه مقاعد لما أسمته بـ\"المحافظات الجنوبية\" وحينئذ انعقد مجلس الوزراء في عدن برئاسة رئيس الجمهورية وأصدر بياناً يدين فيه ذلك الإجراء ويعلن رفضه لسياسة الضم والإلغاء التي دأب عليها أئمة اليمن (فأئمة اليمن لم يكونوا يؤمنون بفكرة الوحدة اليمنية بين الشمال والجنوب وإنما كانوا يزعمون بأن الجنوب ما هو إلا جزء من المملكة المتوكلية اليمنية! وللأسف عادت هذه النغمة للظهور بعد تحقيق الوحدة اليمنية، ولم يقف الأمر عند حد اعتبار الجنوب فرعاً عاد للأصل، بل صارت بعض القيادات المدنية والعسكرية تتعامل مع الجنوبيين باعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية وهو ما سأتناوله في مقال قادم, وسأقدم وقائع تثبت صحة ذلك، بل تثبت أن هناك حالياً في الحكومة اليمنية من يعامل الجنوبي باعتباره ليس مواطناً من أي درجة!).
وإلى اللقاء بإذن الله بعد ايام مع بقية المقال.